سقبا (سوريا) (أ ف ب) – كثفت قوات النظام الثلاثاء غاراتها على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، متسببة بمقتل 35 مدنياً على الأقل، في وقت تواجه دمشق اتهامات دولية متزايدة إزاء استخدامها السلاح الكيميائي في هجمات عدة.
وغداة اتهام واشنطن لموسكو بتأخير اصدار ادانة من مجلس الامن لهجمات كيميائية وقعت خلال الفترة الأخيرة، أعلنت لجنة الامم المتحدة للتحقيق في وضع حقوق الانسان في سوريا أنها تتحقق من تقارير عن استخدام غاز الكلور في مدينتي دوما قرب دمشق وسراقب في ادلب (شمال غرب).
في الغوطة الشرقية آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، أفاد المرصد السوري عن "تصعيد قوات النظام الثلاثاء غاراتها على المنطقة، ما تسبب بمقتل 35 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال وإصابة أكثر من 160 آخرين بجروح".
وطالت الغارات مدناً وبلدات عدة وفق المرصد، أبرزها مدينة دوما حيث قتل تسعة من الضحايا وتعد معقل جيش الاسلام، الفصيل الأكثر نفوذاً في المنطقة.
وتتعرض مناطق عدة في الغوطة الشرقية لقصف جوي ومدفعي شبه يومي، تسبب الاثنين بمقتل 31 مدنياً على الأقل.
وفي مدينة سقبا، شاهد مصور لفرانس برس متطوعين من الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) يحملون طفلة تغطي الدماء وجنتيها بعد سحبها من تحت الانقاض في قوت عملت مجموعة اخرى على سحب جرحى بينهم رجل وامرأة من تحت ركام مبنى مدمر.
وتظهر صور التقطها شارعاً يحجب الغبار المنبعث عن الدمار الرؤية بوضوح، يسير فيه شاب نجا من القصف وهو يرفع يده بينما يرافقه شخص آخر.
في بلدة كفربطنا حيث قتل وفق المرصد أربعة مدنيين بينهم طفل، استهدفت الغارات وفق مصور فرانس برس سوقاً شعبياً وروضة للاطفال ما أحدث دماراً كبيراً.
وقال ان جثث ثلاثة من القتلى بينهم امرأة نقلت الى مشرحة في البلدة، ونقل شاهدته سيدة تولول بعد تعرفها الى جثة زوجها.
ورجح المرصد السوري ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة "وجود أشخاص تحت الأنقاض وجرحى في حالات حرجة".
– هدنة انسانية –
ويأتي تصعيد القصف على الغوطة الشرقية بعد ساعات من دعوة ممثلي منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا في بيان مشترك إلى "وقف فوري للأعمال العدائية لمدة شهر كامل على الأقل في جميع أنحاء البلاد للسماح بإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية، وإجلاء الحالات الحرجة من المرضى والجرحى".
وحذرت الأمم المتحدة "من العواقب الوخيمة المترتبة على تفاقم الأزمة الإنسانية في أنحاء عدة من البلاد" مشيرة الى ان الخطة التي تقضي بايصال المساعدات الى بعض المناطق تبقى "معطلة بسبب القيود المفروضة على الوصول، أو عدم التوافق حول المناطق أو المساعدات أو عدد المستفيدين".
وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما أدى الى نقص فادح في المواد الغذائية والادوية. ودخلت اخر قافلة مساعدات الى المنطقة في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر وفق الأمم المتحدة.
وكثفت قوات النظام خلال الفترة الماضية قصفها على الغوطة الشرقية وعلى مناطق عدة في محافظة ادلب (شمال غرب) التي تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها، بحسب المرصد.
– استخدام غازات سامة-
ويأتي هذا التصعيد رغم كون الغوطة الشرقية وادلب منطقتين من مناطق خفض التوتر في سوريا، تم التوصل اليها بموجب اتفاق بين موسكو وطهران حليفتي دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة.
وبعد عوارض اختناق وضيق تنفس اثر قصف لقوات النظام على مدينتي دوما وسراقب خلال الأسابيع الأخيرة، رجح المرصد ومصادر طبية ان تكون ناجمة عن تنشق غازات سامة، أعربت لجنة تحقيق حول سوريا تعمل بتفويض من الامم المتحدة عن قلقها إزاء "العديد من التقارير الواردة والتي تفيد بأن قنابل تحتوي على غاز الكلور المستخدم كسلاح، استخدمت في بلدة سراقب في ادلب وفي دوما بالغوطة الشرقية".
وطالبت الولايات المتحدة الاثنين بـ"ممارسة ضغوط" على الرئيس بشار الاسد و"داعميه" لوقف هذه الهجمات.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة نيكي هايلي في اجتماع لمجلس الامن خصص لاستخدام الاسلحة الكيمائية في سوريا "لدينا معلومات عن استخدام نظام الاسد الكلور ضد شعبه مرات عدة في الاسابيع الاخيرة ويوم امس" (الاحد).
وبعد ساعات، أكدت وزارة الخارجية الاميركية ان "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء الاتهامات المستمرة بشأن استخدام النظام السوري غاز الكلور لترويع أبرياء آمنين، وهذه المرة قرب سراقب في محافظة إدلب".
وطرحت الولايات المتحدة في مجلس الامن مشروع بيان يدين استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا. وقال دبلوماسيون ان موسكو طالبت ببعض الوقت قبل التصويت عليه، لإبداء الرأي.
اثر ذلك، اعتبرت هايلي أن "روسيا اخرت تبني الاعلان، وهو مجرد إدانة بسيطة مرتبطة بأطفال سوريين يواجهون صعوبة في التنفس بسبب الكلور".
ودان نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا "حملة دعائية" تهدف الى "اتهام النظام السوري" بهجمات "لم يحدد مرتكبوها".
واقترحت روسيا تعديلات على النص بشكل يشطب منه اسم الغوطة، ويطالب بـ"التحقق" من المعلومات الصحافية التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي "بمصداقية ومهنية".
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة رفضت التعديلات الروسية، ما قضى على الآمال في إصدار إدانة.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.
عبد المنعم عيسى
© 2018 AFP