جاكرتا (أ ف ب) – تجري السلطات الاندونيسية مراجعة واسعة لقانون العقوبات باتجاه تجريم كل ما يمكن اعتباره "اخبارا كاذبة" ومعاقبة المثليين واقامة علاقات جنسية قبل الزواج وذلك تحت تأثير التشدد الإسلامي المتنامي في أكبر دولة مسلمة من حيث السكان.
والمراجعة المقترحة، التي تستهدف ايضا بيع الواقي الذكوري والزنا، تلقى تأييدا غير مسبوق قبيل الانتخابات الرئاسية في 2019، بعد إخفاق محاولات سابقة لتغيير القوانين العائدة الى فترة الاستعمار الهولندي.
ويتولى البرلمان صياغة القانون الجديد الذي تدعمه جميع الاحزاب السياسية الكبرى ومن المتوقع طرح مسودته خلال الاشهر القليلة المقبلة.
وفي حال إقراره سيؤثر القانون على شرائح كبيرة من المجتمع الإندونيسي، بينها أزواجا من الجنسين ربما يواجهون عقوبة السجن لممارسة الجنس خارج اطار الزواج او لاقامة علاقات جنسية.
لكن مجتمع المثليين الصغير في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، ربما يكون اكبر المتضررين.
وقال المحلل السياسي يوفنتيوس نيكي "يرى بعض السياسيين ذلك فرصة لاسترضاء القاعدة الدينية".
واضاف "هناك حديث عن تهديد مفترض للأخلاق".
وجاهر مسؤولون حكوميون ورجال دين متشددون ومجموعات إسلامية مؤثرة مؤخرا في الادلاء بتصريحات علنية معادية للمثليين.
وقامت مجموعة غوغل الشهر الماضي، بسحب أحد أكبر التطبيقات في العالم للمواعدة بين المثليين، من نسختها الاندونيسية استجابة لمطالب حكومية.
وتستخدم الشرطة قانونا متشددا لمكافحة الإباحية، لتجريم مثليين وثنائيي الجنس والمتحولين جنسيا.
ودعا رئيس البرلمان بامبانغ سويساتيو هذا الاسبوع الى تشديد الاجراءات بحق "تجاوزات" مجتمع المثليين بعد إعلان وزارة الصحة انها ستقوم بنشر توجيهات طبية تصنف المثلية الجنسية في خانة "الأمراض العقلية".
والمثلية الجنسية حاليا قانونية في كافة مناطق اندونيسيا العلمانية، باستثناء اتشيه الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي ويطبق الشريعة.
– خطاب كراهية –
من جهته، انتقد المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين القوانين الإندونيسية المقترحة واثار ذلك اثناء محادثاته مع الرئيس جوكو ويدودو هذا الاسبوع.
وقال الحسين ان "خطاب الكراهية ضد المثليين الذين يتم تبنيه على ما يبدو لأغراض سياسية معيبة، ستعمق فقط معاناتهم وتخلق انقسامات لا لزوم بها".
ودعا الى "الغاء اي احكام تمييزية (في القانون الجديد)".
وتتضمن المسودة الاخيرة للقانون السجن خمس سنوات للعلاقات خارج اطار الزواج او الزنا ما يثير المخاوف من ان المثليين الجنسيين الذين لا يستطيعون الزواج في اندونيسيا، ربما يستهدفهم القانون.
وتتضمن المسودة ايضا عقوبات لكل من "يعرض او يقدم ادوات لمنع الحمل دون ترخيص" وتدعو الى عقوبات أقسى بمواجهة التجديف والكفر.
ومن مؤيدي مراجعة القانون "تحالف حب الاسرة" وهو مجموعة ضغط قامت بمحاولة فاشلة لجعل المحكمة الدستورية تجرم العلاقات خارج الزواج وبين المثليين.
وقالت رئيسة المجموعة ريتا سيباغيو لوكالة فرانس برس "إن المثلية الجنسية مُدانة".
لكن القانون الجديد "لا يعني ان أعدادا كبيرة من الأشخاص سيتم اعتقالهم. فعندما تم إقرار قانون الفساد لم يتم اعتقال الجميع بتهمة الفساد".
– نمط مقلق –
الشهر الماضي احتلت شرطة اقليم اتشيه العناوين في العالم بعد ان اهانت علنا مجموعة من النساء المتحولات جنسيا، في آخر تحد لسمعة اندونيسيا كبلد متسامح دينيا.
وقال المحامي المختص بحقوق الانسان ريكي غوناوان "في حال اقرار هذه القوانين، فانها ستعطي (الشرطة) اسبابا مشروعة للقيام بهذا النوع من المداهمات".
وأضاف "إن ذلك نمط مقلق لاضطهاد المثليين واقليات أخرى".
ويقول البعض ان الهدف النهائي للمتشددين هو تطبيق الشريعة على غرار ما يحدث في اقليم اتشيه، حيث يتم الجلد علنا عقوبة لعدد من الممارسات المسموحة قانونا في اماكن اخرى من اندونيسيا، وضمنها ممارسة الجنس قبل الزواج وبيع الكحول.
وقال الناشط المدافع عن المثليين ديدي اوتومو "هذا مخططهم الكبير".
ولا ينقص الفكرة الدعم الشعبي.
فقد أظهر استطلاع الشهر الماضي ان نحو 90 بالمئة من الإندونيسيين يشعرون انهم "مهددون" من المثليين فيما اظهر استطلاع اجرته مؤسسة "بيو" العام 2013 أن 72 بالمئة من الاندونيسيين المسلمين يؤيدون استبدال الشريعة بالقوانين العلمانية.
وفي قضية تظهر الترابط المتزايد بين السياسة والدين، تم سجن أول عمدة مسيحي لجاكرتا بعد ان واجه اتهامات بالتجديف من قبل أنصار منافسه الذي فاز في الانتخابات لاختيار حاكم للمدينة.
وطرحت المجموعات الحقوقية المقاومة للقوانين المقترحة عريضة حصلت على نحو 57 ألف توقيع.
وللرئيس حق رفض مشروع القانون، لكنه بحاجة لحشد تأييد المجموعات الاسلامية التي يتنامى نفوذها قبل الانتخابات المرتقبة عام 2019 ويسعى فيها لولاية جديدة.
وقال المحامي المختص بحقوق الانسان غوناوان "إن أشخاصا في الحكومة يحاولون التصدي لذلك".
ماكنزي سميث
© 2018 AFP