باريس (أ ف ب) – وضع الرئيسان الاميركي دونالد ترامب والفرنسي ايمانويل ماكرون "خطوطا حمراء" في ما يتعلق باستخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا، لكن جدية هذه "الخطوط الحمراء" اصبحت موضع اختبار الآن في النزاع الذي دخل عامه الثامن.
واعلنت فرنسا الاربعاء على لسان وزير خارجيتها جان ايف لودريان أن "كل الدلائل" تشير إلى استخدام النظام السوري الكلور ضد قوات المعارضة.
وقالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الاثنين خلال اجتماع لمجلس الامن حول استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا "هناك ادلة واضحة من عشرات الضحايا" تؤكد استخدام الكلور في الهجمات على الغوطة الشرقية في ريف دمشق ومحافظة إدلب.
ورغم ذلك، لم يُعاقب النظام السوري عسكريا على هجماته الأخيرة المشتبه باستخدامه الكلور فيها في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير.
ويقول محللون إن النظام السوري قد يكون يختبر المسار الذي ستتخذه الأمور إذا ما استخدم هذا النوع من الأسلحة.
وقال ديفيد اديسنيك مدير الابحاث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إن "الهجمات جزء من جهد قائم لاختبار ما اذا كان الرئيس ترامب سيلتزم بالخط الأحمر الذي حدده العام الفائت".
– "التزام برد الفعل" –
وكان الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما أول من رسم خطا أحمر في 2012، حين حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن استخدام أو التحرك لاستخدام أسلحة كيميائية سيضطر الولايات المتحدة للجوء الى ضربات عسكرية انتقامية.
ولكن بعد هجوم بغاز السارين في العام التالي قتل فيه نحو 1500 مدني في ريف دمشق، بحسب تعداد الاستخبارات الاميركية، تنازل اوباما عن اللجوء الى الضربات الانتقامية وعوضا عن ذلك توصل لاتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
وفي نيسان/ابريل الفائت، تسبب هجوم كبير بغاز السارين في خان شيخون، قتل فيه 88 شخصا، بغضب دولي عارم وأدى لإصدار ترامب أوامر بشن ضربات جوية على قاعدة جوية سورية.
وبعد شهر واحد من انتخابه رئيسا لفرنسا، حدد ماكرون "خطا أحمر واضحا جدا" في ما يتعلق بهذه القضية، متعهدا بـ"انتقام ورد فوري من فرنسا" إذا تم استخدام أسلحة كيميائية من قبل النظام السوري.
واتفقت باريس وواشنطن على استعدادهما للرد بشكل منسق على أي هجوم كيميائي يشنه نظام الأسد.
وقال برونو تيرتراي مساعد مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس إن "الخط الأحمر الذي وضعه ماكرون تم تجاوزه تماما".
وتابع "حين حدد (ماكرون) خطه الأحمر، من المحتمل أن يكون قد فكر في هجوم كبير مثل الهجمات الفتاكة في الغوطة او خان شيخون، التي نفذها عملاء باستخدام السارين".
وعوضا عن ذلك، اطلقت فرنسا في كانون الثاني/يناير "الشراكة ضد الحصانة" وهي مبادرة وافقت عليها نحو 20 دولة لضمان تقديم مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا الى العدالة، معلنة أنها ستضع على لائحة سوداء الشركات والافراد الذين يشتبه بارتباطهم بالبرنامج السوري للسلاح الكيميائي.
أما واشنطن فاعلنت "كما قال الرئيس ترامب في نيسان/ابريل الفائت، هو مستعد للنظر في جميع الخيارات" المتاحة، رافضة "التكهنات" حول ردود الفعل المحتملة.
ومثل فرنسا، تركز الولايات المتحدة جهدها على المسار السياسي فيما تطالب روسيا بردع حليفها الأسد من استخدام السلاح الكيميائي.
وقال تيرتراي "إذا كنت تعتقد أن العمل العسكري ستكون له عواقب مدمرة في البحث عن حل سياسي، فيمكن أن يكون من المشروع عدم القيام برد فعل".
ويقول فرنسوا هايسبورغ رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إن "الاميركيين لا يعدون الكلور سلاحا كيميائيا حقا. لذا يتجنبون اي رد فعل".
وحذر من ان يكون ماكرون "قد جازف" بتحديده خطا أحمر.
وتابع "إذا قلنا وكررنا أن هناك هجمات كيميائية، فاننا نلزم انفسنا برد فعل".
فاليري لورو , فرانشيسكو فونتيماجي في واشنطن
© 2018 AFP