سيول (أ ف ب) – تفصل آلاف الكيلومترات بين مسقطي رأس ماريسا وهانا براندت، الا انهما نشأتا في كنف العائلة نفسها، ودرستا في المدرسة نفسها، وزاولتا الرياضة نفسها. بعدما تشاركتا مختلف مسارات الحياة، ستكونان مع منتخبين مختلفين في منافسات الهوكي على الجليد ضمن أولمبياد 2018 الشتوي.
ولدت ماريسا في كوريا الجنوبية، وتبنتها عائلة أميركية، حالها كحال العديد من الأطفال الذين ولدوا في البلد الآسيوي الذي عرف في مراحل سابقة بأنه أكبر "مصدر أطفال" الى العالم، لاسيما في ظل التحول الصناعي الكبير الذي شهده. بعد أربعة أشهر من ولادتها، انتقلت ماريسا الى كنف عائلة غريغ وروبن براندت، في منزل عائلي رحب بعد أشهر بولادة هانا.
في ولاية مينيسوتا الأميركية، زاولت ماريسا (25 عاما) وهانا (24 عاما) التزحلق بشكل مكثف منذ الطفولة. بعد أكثر من عقدين من الزمن، حجزت كل منهما مكانها في منتخب للهوكي: هانا مع الولايات المتحدة، وماريسا مع كوريا الجنوبية، بعدما حصلت على جنسية موطنها الأصلي ضمن سعي السلطات لاستقطاب المواهب المنتشرة في العالم.
تمزج قصة الشابتين بين العلاقة العائلية والتنافس الرياضي، والنشأة في بلد عرف مراحل مختلفة من التعامل مع الأشخاص الذين يتمتعون بلون بشرة يختلف عن الأبيض. وتقول ماريسا لوكالة فرانس برس انها سعت لوقت طويل خلال طفولتها الى "تقليد" ما تقوم به شقيقتها ذات الشعر الأشقر.
وتوضح "أردت فقط ان أندمج (في المجتمع) وألا أكون مختلفة عن أختي".
– "متحمسة، فضولية" –
كانت الرياضة أحد المجالات الأساسية لماريسا للقيام بما تسعى إليه، وبعدما بدأت بالتزحلق على الجليد، انتقلت الى الهوكي، "تقليدا" لأختها.
وتوضح هانا "كنا أفضل الصديقات وقمنا بكل شيء معا".
لعبتا في صفوف الفريق نفسه، قبل ان تنفصلا نظرا لمتابعة كل منهما دراستها الجامعية في مكان مختلف.
بدا ان مسار الحياة سيباعد أكثر ما بين ماريسا وهانا، عندما بدأ إتحاد هوكي الجليد الكوري بالبحث في أميركا الشمالية، عن مواهب من أصول كورية لضمها الى المنتخب استعدادا لاستضافة أولمبياد 2018 الشتوي في بيونغ تشانغ، في الفترة الممتدة بين 9 شباط/فبراير و25 منه.
وقامت السلطات الكورية بهذه الخطوة في ظل نقص عدد لاعبات هوكي الجليد لديها، والذي كان يبلغ 319 لاعبة مسجلة فقط، بحسب إحصاء أجراه الاتحاد الدولي للهوكي على الجليد العام الماضي.
دعيت ماريسا الى خوض تجربة في مسقط رأسها عام 2015، في أول عودة لها الى البلد الذي تركته بعد أربعة أشهر ونصف فقط على ولادتها.
وتقول "كنت متحمسة وفضولية، لكن أيضا متوترة لأنني لم أكن أعرف ماذا علي ان أتوقع". في العام التالي، نالت جواز سفر كوريا جنوبيا، وبات قميصها الدولي يحمل اسم "بارك يون-جونغ"، المدون على أوراق التبني.
وتوضح "اخترت ان أضع اسمي الكوري الجنوبي على قميصي، لأنه الأمر الوحيد الذي يربطني عمليا بكوريا الجنوبية".
منذ 2015، خاضت ماريسا رحلة تصالح وتعرف الى ماضيها. باتت الطفلة التي نشأت في الولايات المتحدة، مغرمة بالطعام والموسيقى الكوريين، وصولا الى حد "اعتبار نفسي كورية-أميركية. في الماضي كنت أميركية فقط (…) الآن يمكنني القول انني فخورة بأنني كورية".
– "لا أعرف اسمها" –
سيشارك المنتخب الكوري في الأولمبياد لكونه المنتخب المضيف، وليس على قاعدة التأهل، وهو يضم ثلاث لاعبات "أجنبيات"، كما ستنضم اليه 12 لاعبة كورية شمالية بعد موافقة البلدين على خوض منافسات هذه المسابقة بمنتخب موحد، في ظل تقارب أولمبي لم يكن متوقعا قبل أشهر بسبب التوتر الدبلوماسي والعسكري في شبه الجزيرة الكورية.
لا يعرف بعد ما اذا كانت الأختان ستتواجهان مباشرة في حلبة الهوكي، اذ ان المنتخبين الكوري والأميركي وقعا في مجموعتين مختلفتين بموجب القرعة. ويبرز المنتخب الأميركي كأحد المرشحين لنيل الذهبية، بينما لا يعرف ما اذا كان المنتخب الكوري سيتمكن من بلوغ مراحل متقدمة.
رغم ذلك، تشكل مسألة مشاركة ماريسا وهانا على طرفي نقيض في الأولمبياد الشتوي، موضوع فكاهة عائلية.
وتقول ماريسا "نتبادل المزاح دائما مع والدينا حول من سيشجعان في حال لعبنا ضد بعضنا البعض"، معتبرة ان تبنيها كان "أمرا رائعا".
وتشير الى ان والدتها الفعلية "أرادت ان أحصل على حياة أفضل"، مبدية رغبتها في لقائها في كوريا الجنوبية، رغم انها لا تعرف الكثير عنها.
وتتابع "لا أعرف اسمها (…) ليس لدي أي شيء لمحاولة العثور عليها".